المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

الخميس، 16 مايو 2013

سلفيُّون: كُنَّا أكباش فداء .. وعلى الدولة الكشف عن "لغز" 16 ماي

سلفيُّون: كُنَّا أكباش فداء .. وعلى الدولة الكشف عن "لغز" 16 ماي



في إطار الذكرى السنوية العاشرة للتفجيرات الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء يوم 16 ماي 2003، والتي خلفت 45 قتيلا بمن فيهم منفذي العمليات، وأدخلت المغرب في دائرة الدول المهددة بخطر الإرهاب، اتصلت هسبريس بثلاثة شيوخ في إطار ما يعرف بـ"السلفية الجهادية"، ممن اعتقلوا وحوكموا بعقوبات حبسية مهمة، واستمروا داخل أسوار السجن، قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد اندلاع الربيع المغربي وخروج حركة العشرين من فبراير إلى الشارع سنة 2011.

الكتاني: هناك قرائن غريبة في هذه الأحداث التي اُسْتخدِمنا فيها ككبش فداء
تحدث الشيخ حسن الكتاني، الذي حوكم بعشرين سنة نافذة، عن مطالبة السلفية الدائمة بفتح تحقيق جاد يكشف عن مرتكبي هذا العمل الإجرامي، ويعيد إليهم القليل من اعتبارهم ما دامت الجهات الأمنية جعلت منهم كبش فداء لعملية لم تُعلِن أي جهة معينة عن مسؤوليتها عنها، مستطردا بأن مجموعة من القرائن الغريبة تُظهر على أن "وراء الأكمة ما وراءها"، ويمكن الاستدلال في نظره بما قاله الضابط السابق بالمخابرات المغربية، أحمد البخاري، الذي كان صرح بأن هذه العملية لا يمكن أن تحدث من غير أن تكون معلومة.
وأضاف الكتاني بأن هناك من يحاول إشعال النار من جديد، بترديده لأسطوانة الفكر المتطرف، قصد تهييج الشعب ضد طائفة من المتدينين، وإعادة نفس الأجواء المتوترة التي سادت في تلك الأيام، معطيا المثال بأحمد عصيد، الذي أساء للنبي الكريم حسب قوله، وهي الإساءة التي أجبرت مجموعة من علماء الأمة على الرد حتى ولو تم وصف طريقته بالنارية والقوية.
ونفى الكتاني بالمطلق أن يكون قد تراجع عن أفكاره بسبب السجن:" لم نرتكب أي أخطاء، وإنما قمنا بالرد على كل من نال من ديننا العظيم، ومن يتحدث عن أنني تراجعت عن أفكاري، فليأتي بالدليل".
أبو حفص: تحديتُ النيابة العامة أن تأتي بدليل واحد على تورطي في الأحداث
محمد عبد الوهاب رفيقي، الذي اتصلت به هسبريس دقائق فقط بعد مشاركته في ندوة بنفس الفندق الذي اتُهم بتفجيره في تلك الأيام، قال إن حضوره بهذا المكان، جعله يتذكر كل ذلك الظلم الذي لحقه، وكل تلك الذكريات السيئة التي مرت به، رغم أنه كان معتقلا، رفقة الكتاني، ثلاثة أشهر قبل الأحداث، أي منذ شهر فبراير 2003، في ملف كان يُعرف بـ"غابة المعمورة"، اتُهّما من خلاله بإقامة خلية تدريبية جهادية، وبعد كشف القاضي عن أن الملف فارغ، كان من الواجب إطلاق سراحهما، يحكي أبو حفص، إلا أنهما بقيا مَسْجونين دون أي مبرر، ليتزامن وجودهما داخل السجن مع تلك الأحداث الإرهابية.
"لم نكن نتصور بتاتا أن تُنسب لنا علاقة بهذه الأحداث لقناعتنا بأنها لا تتناسب مع عِلمنا وعَملنا، ولأن وجودنا داخل السجن هو أكبر دليل على براءتنا" يقول أبو حفص مستطردا بأنه تحدى النيابة العامة أثناء جميع المحاكمات على أن تأتي ولو بربع دليل على تورطه في الأحداث، وهو ما عجزت عن الإتيان به، مما يؤكد أن الحكم عليه بالسجن ثلاثين سنة لم يكن عادلا، خاصة مع غياب محاضر الشرطة التي لم تقم باستنطاقه، وذلك على حد تعبيره.
ويتذكر أبو حفص كيف أن اعتقاله الأول، أتى بعد شد وجذب بينه وبين بعض رجال السلطة بمدينة فاس على إثر انتقاده الدائم من على منبر المسجد للفساد الأخلاقي وتجارة الخمور بالعاصمة العلمية، لتأتي خطبة له حول ضرورة نصرة القضية الفلسطينية وإدانة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وتتحول إلى سبب مباشر في اعتقاله، وإقحام اسمه في قائمة المتورطين بتلك الأحداث للتخلص منه.
وطالب أبو حفص الدولة بمواصلة الجهود من أجل الكشف عن لغز 16 ماي، وكذلك بالتخلص نهائيا من كل آثار هذا الملف الذي انتهك الكثير من حقوق الإنسان، مشيرا إلى ضرورة طيّه نهائيا بالإفراج عن كل المعتقلين الأبرياء وإدماج كل المفرج عنهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
الفيزازي: الإفراج عني من طرف الملك أعاد إليّ الكثير من الاعتبار
من جهته، قال محمد الفيزازي، الذي حوكم بثلاثين سنة، إن براءته لا يجادل فيها أحد، ويتفق عليها الطير قبل البشر، إلا أن تعاطفه عندما كان إماما بالمسجد مع القضية الأفغانية ومع المجاهدين، عجّل باعتقاله بدعوى دعوته إلى الجهاد، وذلك في إطار الحرب على الإرهاب التي نَسّق فيها المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن تفجيرات 16 ماي، تبقى في نظره، صبيانية ومجانية ولا هدف ولا إستراتجية من ورائها، عكس التفجيرات الإرهابية بشتى بلدان العالم التي يهدف منفذوها من ورائها إلى مخططات معينة.
واستطرد الفيزازي أنه يعطي الدولة بعض العذر في اعتقاله بالنظر إلى الظروف التي عاشها المغرب في تلك الأيام والتي أخرجته من حالة الاستثناء التي كان يعيشها، "الدولة تلقت ضربة دَوّختها، وفي إطار هذه الدوخة، اعتقلت الأجهزة الأمنية الأخضر واليابس في سعيها لوضع حد للإرهاب داخل هذه البلاد الآمنة"، يقول الفيزازي، مستدركا بأن الدولة هضمت مجموعة من حقوقه، كعدم تعويضه ماليا عن السنوات التي قضاها بالسجن، إلا أن تدخل الملك محمد السادس شخصيا، من أجل الإفراج عنه، رد إليه اعتباره المعنوي.
وطالب الفيزازي الدولة بإطلاق سراح المعتقلين في إطار ملف السلفية الجهادية ممن لم يتورطوا في أعمال دموية، وأن تخطو خطوة تصالحية لتمزيق هذه الصفحة المؤلمة وذلك بشكل تشاركي بين علماء الدين والحقوقيين، لكي يستطيع المغرب، حسب تعبيره، الحفاظ على تماسكه الداخلي والتصدي لكل محاولات المس بالوحدة الترابية للمملكة.

ليست هناك تعليقات: