السبت 25 ماي 2013 - 22:30
بمنأَى عن لغَة الإجماع المألوفَة فِي النقَاشات العموميَّة، لدَى تناول قضيَّة الصحرَاء، استضافَ تيار اليسار المواطن، التابع للحزب الاشتراكِي الموحد، مساء اليوم، أصواتا قلَّمَا عبرت عن رؤيتهَا لحل النزاع، الذي غالبًا، ما اختزل فِي صوت واحد، يقول عددٌ من المتدخلين.
بوعزيز: فِي حلِّ إشكالات الوطن
الباحث مصطفَى بوعزيز، أكدَ فِي معرضِ مداخلته، بمقر هيئة المحامين بالرباط، أنَّ التقوقع حول الوطن، الذي ظلَّ تشكله محطَّ التباس، قد يفضِي إلى الاقتتال. بحيث أنَّ الوطن في مرحلة ما قبل مجيء الاستعمار كانَ روحياً ينهضُ على الثقافة العربيَّة والإسلاميَّة، ولدت صدمَة الحداثة التي ألمت به وطناً آخر اتخذ شكلاً ترابيا، فالمغرب لم يكن محدداً في تلك الفترة بمكوناته القبليَّة المختلفة إلَّا حين عمد الاستعمار إلى توزيع إلى عدة مناطق.
وإن كان الاستعمار قد وزع المغرب إلى منطقة دوليَّة في طنجة، ومنطقة سلطانية أمسكت بها فرنسا، فيما بسطت إسبانيا يدها على الشمال والجنوب، فإنَّ الحركَة الوطنيَّة لم تزد الوضع إلَّا تعقيداً حسب الباحث، بسبب رؤيتها الاختزاليَّة ووحدتها التِي تعدت حدودَ الاندماجيَّة، بإقصائها لباقِي المكونات التِي كانت ترضى فيها عواملَ تفرقَة وتشرذم. كمَا لم يسهم المذهب المالكِي الرسمِي إلَّا فِي تعزيز ذلك التوجه، فألغيت بالتالِي، يقولُ الباحث، فكرة الوحدة الفيدراليَّة.
ومع بلوغ محطَّة المسيرة الخضراء عام 1975، أثير الانتقالَ حسبَ المتحدث ذاته، من الوطن الترابِي إلى الوطن السياسي، بينمَا لا يزالُ الانتقالُ من الوطن السياسي إلى المواطنَة فِي وضعٍ جنينِي، على حد تعبيره، مردفاً أنَّ الحداثَة أحدثتْ شرخاً، خلفَ ردودَ فعلٍ قسمهَا إلى ثلاثَة، أولُهَا؛ كان ردَّ فعلٍ استنساخياً يرنُو إلى تقليد الغرب تقليداً أعمَى؛ فيمَا كانَ التوجهُ الثَّانِي هوياتياً ينحُو إلى التحذِير من الضياعِ فِي دفاعه عن الهويَّة، أمَّا التوجهُ الثالث، الذِي بوأَ نفسه منزلَة وسطَى، فآثَر افتراع حداثَةٍ داخليَّة تُبنَى المواطنَةُ على أساسهَا. عبرَ تبنِي ثقافَة التعاقد، وإقرار رابطَة القانون التِي تسمُو على كافة الامتيازَات.
عبد الدايم: الصحراويونَ موجودونَ وليسُوا مجرد دُمى
من جانبه، قالَ عضوُ المكتب التنفيذِي للصحفيين والكتاب الصحراويين، مصطفَى عبد الدايم، إنَّ هناكَ حاجةً لتجاوزِ ما أسماهُ خجلاً سياسيا "فِي التعاطِي ما قضيَّة الصحراء الغربيَّة" على حد تعبيره، مؤكداً أنَّهُ يأملُ أن تتجاوزَ النخَبُ المغربيَّة لغَة الخشب، والتعاطِي مع القرارات الأممية بموضوعيَّة فِي منابر الإعلام، بعدم الطرف عن حثّْ كافة القرارات الأمميَّة على تقرير المصير، فِي ظلِّ عدم وجود أيَّة دولَة في العالم، يقولُ عبد الدايم، تعترفُ للمغرب بسيادته على الصحراء.
المتحدث ذاته، الذِي أكدَ انتماءهُ للبوليساريُو، أبدَى رفضهُ للمقارنَة بينَ ما يحصلُ من انتهاكات لحقوق الإنسان في عدد من المدن المغربية بالشمال كبني بوعياش والشليحات، وبينَ ما يحصلُ فِي الصحراء، مشدداً على أنَّ الوضع مختلف في الأقاليم الجنوبيَّة لتعلقِ الأمر بتصفيَة استعمار، يواجهها الجانب المغربي، حسب قوله، بمقاربَة أمنيَّة، نبهت تقارير دوليَّة كثيرة، كتلك الصادرة عن منظمة العفو الدوليَّة أو مؤسسة روبرت كينيدي، إلى انزلاقاتهَا.
وغداة تطرقه إلى مقترح الحكم الذاتِي الذِي اقترحهُ المغرب لحل النزاع، أضاف المتحدث أنَّ فِي الترويج للمقترح إلغاءً لحق الساكنة في التعبير الديمقراطِي عن الحل الذي تراهُ مناسبا، متسائلاً حول السبب الذِي يمنعُ من اللجوء إلى صناديق الاقتراع "رغم كوننا لا نعلم لصالح من ستؤول النتائج" يقول الناشط الصحراوي.
وبخصوص الدور الجزائرِي فِي ملف الصحراء، استطرد عبد الدايم "الصحراويون موجودون حقيقَة فِي الصحراء وليسُوا مجرد دمًى تحركهم الجزائر، التي يعلق عليها المشكل، وهو وجودٌ يفرضُ الاعتراف وعدم الإنكار، كما فعلت مديرة أخبار دوزيم، سميرة سيطايل، حين أعربت عن موقفها من متهمِي أحداث أكديم إزيك"، فِي إشارة المتدخل إلى حوارٍ لها مع يوميَّة "أخبَار اليوم".
أنوزَلا: القضيَّة مرتبطَة بغياب الديمقراطيَّة"
الكاتب والصحفِي، علي أنوزلَا، الذي تعرض للكثير من الانتقادات في الآونَة الأخيرة، بسبب موقفه من التوصيَة الأمريكيَّة المتضمنة لصلاحية مراقبة المينورسُو لحقوق الإنسان بالصحراء، خلصَ في مداخلته إلى أنَّ قضيَّة الصحراء قضيَّة غياب للديمقراطيَّة، مذَكراً بإفضاء انعدام الديمقراطيَّة إلى الحرب، بعدمَا مغادرة الوالِي مصطفَى السيد مدرجات الجامعَة لجعل الصحراء منطقَة ثوريَّة، بعد بسط موقفه فِي مقال بعنوان "الصحراء فلسطين المغرب العربِي"، عقد فيه مقارنة بين الصحراء وفلسطين.
أنُوزَلا أضاف أنَّ الدولَى المغربيَّة اختارت نهج مقاربَة أمنيَّة، ووتبنت سياسَة شراء الولاءات والذمم، عبر الخص بالمنح والعطايا والامتيازات، التي لم يعرفها المجتمع الصحراوي من قبل، وهوَ ما أدَّى إلى تفشِّي الفساد داخله، كمَا فِي المؤسسة العسكريَّة وخلقَ اتكاليَّة لدَى المواطن الصحراوِي، مستدلاً بفكرة أشبال الحسن الثَّانِي، التِي وصفها أنوزلا بالجريمَة، قائلاً إنهَا هجرت جيلاً كاملاً من التلاميذ وحرمته من مواصلة المسار التعليمي.
وعلى صعيدٍ آخر، ذهبَ المتحدث إلَى أنَّ الدولة المغربيَّة ظلت تمارس رقابة كبيرة على أنشطَة الأحزاب التِي لا تتبنَى وجهة النظر الرسميَّة من قضيَّة الصحراء، وخلقت مجتمعاً مدنياً هجيناً تغطِّي به على قمع الحريَّات دون استثناء، سواء تعلقَ الأمرُ بالحق في التعبير أو التظاهر، مما أدَّى وفقَ أنوزلَا إلى قتل الديمقراطيَّة، بسبب طرح قضيَّة الصحراء داخل إجماعر مقدس، يسيرُ إلى تأييد أيَّة رؤيَة للحل يطرحهَا القصر.
أمَّا مبادرة الحكم الذَّاتِي للأقاليم الجنوبيَّة، فرأى أنوزلا، أنَّها فقدت الكثير من وهجها ومصداقيتها، بل أفرغت من كامل مضمونهَا بعدَ مضيِّ 6 سنواتٍ على طرحها، بسببِ بعد المغرب عن الديمقراطيَّة التي تسمحُ بإقامَة حكم ذاتِي يختارهُ الصحراويون طوعاً ولا يفرضُ عليهم، زيادة على تردد السلطَة في تنفيذ الجهوية الموسعة، حتَّى في مناطق لا توجد بها إشكالات انفصاليَّة، مما يطرحُ أكثر من تساؤل حول الطريقَة التِي ستتعامل بها الدولة المغربية مع رئيس الحكم الذاتي بالصحراء، يورد الكاتب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق