السبت 25 ماي 2013 - 09:00
بصوت مخنوق بالألم حكى زوج رقية العبدلاوي، التي توفيت يوم 9 ماي الجاري بمدينة زاكورة، إثر دخولها مستشفى المدينة على الساعة العاشرة صباحا، لوضع مولودها الأول، قبل أن تخرج منه جثة هامدة، هي وجنينها، على الساعة الخامسة عصرا، من نفس اليوم، الذي وصفه بـ"اليوم الأسود".
وتابع زوج الضحية، الذي يشتغل موظفا بمؤسسة تعليمية ثانوية، خلال ندوة صحافية نظمت الجمعة، بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قائلا، إن العائلة لم تتوصّل بعد بالتشريح الطبي النهائي للضحية، "أخبرونا بأنّ زوجتي ما كان يجب أن تلد بشكل طبيعي، بل بشكل قيصري، لأنّ وزن الجنين يزيد على ثلاثة كيلوغرامات، وأنّ التشريح النهائي سيستغرق 144 ساعة من أجل إجراء مزيد من التحليلات، قبل التوصّل به، لكننا لحدّ الآن لم نتوصل بأيّ شيء".
وطالب زوج الضحية بمحاسبة المدير الجهوي للصحة بزاكورة، بسبب غياب تسعة أطباء عن المستعجلات، وخروجهم في عطلة في آن واحد، دون أخذ إذن من مندوب الصحة، متسائلا "لو أنّ سيّدة أجنبية هي التي وقع لها نفس الإهمال الذي لاقته زوجتي، وماتت، فماذا سيحصل؟ من المؤكد أنهم سيقومون بإنجاز التشريح الطبي لها في ظرف أربع وعشرين ساعة، ولاستقال وزير الصحة وعوقب المسؤولون، لكن بما أن الضحية هي من زاكورة، فهي لا تساوي شيئا عندهم، هم يقبضون مليونا ونصف مليون من أموال دافعي الضرائب، فلماذا لا يقومون بعملهم كما يجب".
وشبّه الزوج المكلوم المعاملة التي لاقتها زوجته قبل وفاتها بما كان يحدث في عهد الاستعمار، حيث يرفض الأطباء الفرنسيون العمل في المناطق الصحراوية حيث كلما طولب من أحدهم العمل في إفريقيا يقول "هل أنا طبيب أم بيطري؟ وهؤلاء الآن يعتبروننا مثل ماعز لا أكثر".
وتتجلى أهمّ مطالب الزوج في سحب رخصة مزاولة مهنة الطب لمدة خمس سنوات من الطبيبين المسؤولين عن وفاة زوجته، "لكي يكونا عبرة لباقي الأطباء العاملين في المستشفيات العمومية"، كما يطالب بمعاقبة المدير الجهوي للصحة.
من جهتها قالت أمّ الضحية بصوت مكلوم إنها ذهبت إلى المستشفى رفقة ابنتها التي كانت في صحة جيدة، مضيفة "نزلنا من سيارة الأجرة ودخلنا المستشفى وهي تسير على رجليها، بعد مدة من الانتظار داخل المستشفى أخبروني أنّ الجنين قد توفي، وعندما لم يهتمّ بي أحد، ولم يخبروني بما كان يجري في قاعة الولادة، شرعت في الصراخ، إلى أن جاءت ممرضة وأخبرتني أن ابنتي قد أسلمت الروح لباريها".
فيما حمّل ابن عم الضحية مسؤولية الوفاة للدولة قائلا "إن الشهيدة قتلتها الدولة مرتين؛ فقد قتلتها بالعَطالة لمدة ثمان سنوات، وقتلتها مرة ثانية في مقابر وزارة الصحة، في العهد الجديد، الذي يبشرنا بأنّ الموت قد يكون مصير كل من قادته الأقدار إلى المستشفيات العمومية". وأضاف بحسرة "كنا ننتظر معها لحظات الوضع بفرحة، لكنّ الدولة حوّلت هذه الفرحة إلى حزن وأسى عميق".
إلى ذلك، قال ممثل التنسيقية المحلية للدفاع عن جودة الخدمات العمومية بزاكورة، إنّ الفعاليات الحقوقية والجمعوية بالمدينة، ومعها الساكنة، خاضت وقفات ومسيرات احتجاجية، بعد وفاة رقية العبدلاوي، ضد "الأوضاع الكارثية" لتي يشهدها القطاع الصحي بالمدينة، وأنّ قوات الأمن واجهت احتجاجات السكان "بشكل هستيري لم نشهد له مثيلا منن قبل"، مضيفا أن مسيرة شعبية ستجوب شوارع زاكورة الأحد المقبل سيشارك فيها سكان الإقليم والمدن المجاورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق