المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

الاثنين، 20 مايو 2013

مصطفى الحرشي .. رسّام الصويرة يواجه قدره بالريشة والألوان


مصطفى الحرشي .. رسّام الصويرة يواجه قدره بالريشة والألوان

يُطْبِق على الريشة شفتيه، يغمسها في علب الألوان التي أمامه ويخط على اللوحة المتبثة رسوما معبرة. لوحات لأشجار مثمرة، وأخرى لمنظر طبيعي، وفي أغلب الأحيان يرسم بعض مآثر المدينة، كالمدافع البرتغالية التي يرسمها وهي تتأهب لقصف العدُوّ كتأهبه هو لتحدي إعاقته الجسدية. وكثيرا ما يرسم " السقالة " تلك البناية التاريخية المطلة على المحيط الأطلسي، والتي لا يصح حج كل شخص لمدينة "تاصّورت " ما لم يزر " السّقالة " ويرمي نظراته نحو الأفق البعيد.
مصطفى الحرشي إبن مدينة الصويرة الذي ازداد سنة 1982 والذي يتحرك على كرسي مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة. سيما أنه لا يستطيع تحريك يديه، ويتكلم بصعوبة بالغة وبالكاد يستطيع أن يجيب على بعض أسئلة زوار "موكادور"، المارين من ساحة الحسن الأول في اتجاههم إلى شاطئ المدينة أو إلى متاحف العرعار ومنتوجات الصناعة التلقليدية التي تعج بها جنبات الممرات في هذه المدينة الساحلية. يمسك الريشة ويختار ألوانه الموضوعة أمامه على كرسيه المتحرك ويرسم، يرسم ليعيش.

http://t1.hespress.com/files/mustaphaharchitableau_367412530.jpg

مصطفى الحرشي ذو الـ32 سنة، ليس متسولا يستغل إعاقته الجسدية ليستدر عطف الزوار ويغدقهم ببعض الدعوات.. أبدا، إنه فنان يتحدى إعاقته الجسدية ويحوّل مآسيه اليومية إلى ألوان برّاقة في لوحات بسيطة يبيعها لمعجبيه بـ 20 درهما.
إصراره الكبير وافتخاره بنفسه ــ بلا شك ــ سيكون قد جعل الكثير ممن شاهدوه أو سمعوا قصته سيتعلمون أن الإعاقة ليست بالضرورة إعاقة الجسد فقط، إنها أيضا إعاقة النفس وتلبد المشاعر وافتقار المرء إلى القدرة على الخلق.
قد تكون بعض لوحاته أحيانا بسيطة وغير ذات قيمة لو وضعت فوق ميزان النقد الفني الجاد، لكن بالنظر إلى حالته الجسدية وإلى استعماله الفم لوحده في الرسم، يبقى الشاب مصطفى الحرشي الصويري الذي يواجه قدره بالرسم والألون..

ليست هناك تعليقات: