المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

الثلاثاء، 1 أبريل 2014

شاب يروي قصة تعرضه لاعتداء شباب "التشرميل" وسط البيضاء

شاب يروي قصة تعرضه لاعتداء شباب "التشرميل" وسط البيضاء

شاب يروي قصة تعرضه لاعتداء شباب "التشرميل" وسط البيضاء
غزت صورهم الفضاء الافتراضي، مؤكدة امتدادهم القوي في شوارع العاصمة الاقتصادية، بحلاقة غريبة وملابس رياضية "لامارك" وسيوف ضخمة، يستعرض "المشرملين" عضلاتهم الإجرامية غير عابئين لا بقوانين البلد ولا بأعراف المغاربة، مراهقون بثوا الرعب في أحياء الدار البيضاء وساهموا في تحويلها إلى إحدى بؤر الإجرام بالمغرب، بعدما تحوّل الاعتداء على الآخرين سلوكاً يثبتون به ذواتهم، ويبنون به مجداً من وهم.
طارق بنحريف، شاب من الدار البيضاء يشتغل كإطار تجاري في إحدى الشركات، يتذكر جيداً ما وقع قبل شهر من الآن عندما اعترضته، في مدينة الدار البيضاء، مجموعة من أولاد "التشرميل":" كانت الساعة تشير آنذاك إلى الثالثة زوالا، خرجتُ من منزلي متجهاً إلى بيت أحد الأصدقاء، فتوقفت في محل تجاري من أجل تعبئة هاتفي النقال، ولم أكن أعلم أنهم يرصدونني، وينتظرون أقرب فرصة من أجل الانقضاض عليّ، لذلك وعندما أخرجت هاتفي "سامسونج كلاكسي" الأبيض، لمحته عيونهم، فحانت لحظة هجومهم".

ويستطرد طارق أن أحد "المشرملين" نزل من دراجته فيما بقي صديقه ينتظره، واتجه نحوه مترجلاً، وفي لمحة بصر خطف هاتفه بخفة متناهية، حاول طارق استعادة هاتفه بأن ضرب اللص على ظهره ممّا مكّنه من أن يسقطه أرضاً، إلا أن اللص الصغير استعاد توازنه بسرعة، وأشهر سيفاً غليظاً كاد أن يهوي به على ضاربه، ووسط ذهول المارة الذين راقبوا المشهد، أسرع اللص وامتطى المقعد الخلفي وراء صديقه، لينطلقا إلى وجهة غير معلومة.
"كانا يرتديان اللباس نفسه، ويضعان الساعة الذهبية نفسها، بل حتى حلاقة رأسيهما قريبة إلى حد الاستنساخ، وذلك بأن تركا القليل من الشعر في الوسط مقابل حلاقة المتبقي بالكامل" يصف طارق منظرهما، مضيفاً أنه عندما ذهب إلى أقرب مركز أمني من أجل التبليغ عن سرقته التي وقعت بالحي المحمدي، أخبر الشرطي بأوصافهما، فأجابه هذا الأخير: "هدوك كنسميوهم حْنا ولاد علي ...نسبة لعلي بابا والأربعين حرامي".
يؤكد طارق أن أعداد هؤلاء اللصوص الجدد تتجاوز الآلاف في الدار البيضاء، بل أن هناك من الساكنة البيضاوية من بدأوا يتعايش معهم، وآخرون تحوّل الشارع بالنسبة لهم إلى مساحة من الرعب التي يستوطنها "المشرملين" الذين صنعوا تقاليدهم بتجمعهم في مقاهٍ معينة خاصة بتدخين 'الشيشة'، وبشرائهم للألبسة والأحذية من محلات معينة.
حسب شهادات استقيناها، فكثير من المنتسبين لـ"التشرميل" من المراهقين الذين تمكنهم والداتهم ممّا يريدون رغم ضيق ذات اليد، الظاهرة توجد بكثير من المدن لكنها تتركز بشكل كبير في الدار البيضاء، قد تبدأ بشراء لباس رياضي، وبعد ذلك إلى شراء ساعة ذهبية من علامة "سواتش"، ثم تمتد إلى شراء دراجة نارية، فجلسات شيشة، وبعد ذلك ينطلق المراهق إلى "التشرميل" الذي لم يعد مجرد سلوك بسيط، بل صار فكراً يستعمر أذهان هؤلاء كأنهم يريدون الانتقام من مجتمع ينظر لهم بعين الشك والريبة، ويتجسد ذلك في أقوالهم المنشورة في صفحاتهم على الفيسبوك.
الظاهرة لم تتوقف فقط في شوارع أكبر مدينة مغربية، بل وصلت إلى بعض الثانويات التي اكتسحتها مثل هذه الأفكار، وحسب حديث عدد من أبناء الدار البيضاء، فكل من يرتدي لباساً أنيقًا قد يُعتبر ضحية لهؤلاء الذين يُشرعنون في قوانينهم الخاصة الاعتداء على الآخرين.
ويضيف طارق في لقائه مع هسبريس:" الأمر حُسم بالأحياء الشعبية، الوقت وقت "المشرملين"..حتى الأطفال دابا تبغي تكسيهوم يقولو ليك بْغينا سورفيطة ديال إس ميلان ولا تشلسي" معتبراً أن هذه الأفكار لا تقتصر فقط على الذكور، فهناك بعض "المشرملات" اللواتي أكبر همهن السفر إلى الإمارات والعودة إلى المغرب من أجل أن تعيش مع حبيبها "المشرمل".
يوسف معضور، باحث في القضايا الاجتماعية، يؤكد هو الآخر أن "التشرميل" أصبح موضة في الأوساط الفقيرة والأحياء الشعبية التي تعرف نسباً عالية من الجريمة، مبرزاً أن خطورة الظاهرة تكمن في "شرعنتها" داخل الفضاء الافتراضي، وذلك بأن خلق هؤلاء صفحات فايسبوكية يتداولون من خلالها مقولاتهم، ويفتخر كل واحد منه فيها بآخر بذلة رياضية اشتراها أو آخر ساعة يدوية ابتاعها.
واستطرد معضور أن هذه الصفحات تروّج لثقافة جديدة تستقطب الشباب المراهق الذي تنقصه مناعة فكرية تجعله يميّز بين الإيجابي والسلبي وتمكّنه من أخذ الحيطة والحذر، وبالتالي فـ"التشرميل" يمكن أن يستقطب كل يوم عدد من المراهقين الباحثين عن إثبات ذواتهم ولو بطرق غير مسؤولة تصل حد الإجرام، عن طريق استخدام أسلحة بيضاء من سيوف وسكاكين من الحجم الكبير، وتناول حبوب الهلوسة والمخدرات بكل أنواعها.
Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية

ليست هناك تعليقات: